1
فتحتْ نافذة العطر ِ على جهات الروح ِ الستْ
فتمددتْ كسحابة ٍِ, كلُّ جهةٍ تتخطّفُ ما قسم الله لها
هنا اقتتالٌ بطعم هطول المطرْ
هنا ألفةٌ برقة أنوثتك الخارجة من زهرةِ الخوخ ِ
اذهبي وحدك يا فراشة الضوء واعدلي بينهما
أعدّي لكل واحدة أريكةً وافرشيها بحرير صباك البهي
ستُ جهات ٍ, يومٌ لكلِّ جهةٍ من أيام الأسبوع ْ
جهةٌ لكلِّ لون ٍ بقوس قزح ٍ من يومك الممطر النقي
وأما اليوم الأخير , فهو يوم راحتك يا فراشتي ,
اهجعي بقلبي ونامي, وحين يبدأ الأسبوع الجديدْ
سأقول لهم: كل أيام الأسبوع, هي يومي الوحيدْ
2
في زهرةِ الضوء ِ قبل هطولها,كنت ِ أريكةَ البتلات
وكنتِ متّكأ "الكلورفيل" ومفرزة الألوان ِ قبلَ التشكيلْ
وبأصابعك ِ المضاءة, توجهين رذاذَ العطّر ِ في الأرضْ
كنتِ , وكنتِِ عصارة َ حواءَ قبلَ الغواية ِ في الأعالي
وما وصلني منكِ, بياضُ يسرٌّ الياسمينْ
يسرُّ اليرقة والشرنقة والعاملات بحقول الصباح ِ
يسرٌّ النحلات في نظام الخليّة الباذخ ِ
أيتها المرأة المفردة / القصيدة/ الحياة التي تسيرُ على قدمينْ
هنا المسراتُ عُرضةٌ لخطفِ البائسين , ليس لشيء
سوى أنها مكرسة ٌ لأصابع روحك ِ الصانعة
أيتها البارعةُ البارعة, فهلْ من مزيدْ !
3
قمرُ الصبواتِ, ماتَ حياءً وحياةً , ماتَ حضوراً في غيابكِ الحاضرْ
ليذكرني بحضورك ِ الغائب, سيعلو هذا الضريح ُ بأجنحة من سحابْ
وستأتي الفصولُ الأربعة مجتمعةً على قوس ِ العام الهاربِ منّا
نحن البعيدون عن حوار ِ الرذاذ ِ واللون والهشيم ِ واللهبْ
رباعيتنا القصيّةُ العصيّةُ, امتدادٌ مبتورٌ بينّ شمال التوازي وجنوبه
وبأيّ خديعة ٍ طيبة النوايا يلتقي لازورد السماءِ بسندسَ الأرض ِ
أيها الضريحُ الذي يرفرفُ بجناحين من سحاب, هلْ وصلَ الكتابْ؟
هلْ نزفَ الأزرقُ وابتلَّ الأخضرُ, ربّما تصعدُ الأوراقُ من الترابْ
ربّما يتغصّن .. يتبرعمُ.. يتثمّرُ هذا الذراعُ الممتدُّ في الفراغ ِ
ربّما يخرجُ من معطف الحجر ِ ما يبلّل ُ مجرى النهار اليبابْ
وربّما دولابٌ مسنّن في الوريدْ
4
مسرّةٌ أن أمنع التجوالَ عليك ِ في حواسيّ الخمسْ
وأن أدرّب قرونَ استشعارها كيفَ ترصدَ خطوك َ في هديلِ الحمامْ
مسرّةٌ أن أرشقَ وجهك ِ بفسيفساء نبضي في الصحو وفي المنامْ
وأحفرَ أسمك ِ على خشب ِ الأريكة ِ في ممرِّ الحديقة
مسرّةُ أن أرعى عصافيرَ همسك ِعشيّة في حقول ِ الغمامْ
وأكتبَ على ريشها" أنت بدءُ البدء وأنتِ فاتحةُ الختامْ
مسرّةٌ أن تظلين " أسيا" القلب ِ و: افريقيا" الروح ِ
نكايةُ بعولمة الحب ِ و "سوبرماركيّته" في فراغ ِ الزحامْ
مسرّةُ أن يحترقَ القلبَ بتنّور غيابكِ كرغيفِ أرملةِ
تربّي أيتامها بمعول ٍِ يحطّمُ مائدة َ اللئام ِ.ومسرّةٌ المسرات:
أن يظلَّ بعيدكِ قريبٌُ وقريبكِ بعيدْ
5
أيتها الحنطيّة إلا قليلا, هذا القليلُ استأذن اكتمالك ِرحمةٍ بالنساءْ
لكِ وحدكِ هذا "الكونشرتو",الكلماتُ تعتصرُ الموسيقا حتّى أقاصي الغناءْ
هذه السُمرةُ نشيدُ أناشيدَ وبياضُ القلب ِعزيفُ كمنجاتٍ
ومنّكَ القمح سرقَ لونه الحنطيَّ المضاءْ
هو ذا أنينُ رخامكِ, أجراسٌ تقرعُ في صخر ِالجسدِ, أملسٌ تتقطّرُ منه الأنداءْ
رائحةُ الخصبِ تسيلُ بإبريقَ النشوةِ, ما أعذبني ثملاً منكِ
وفيكِ الإقامةُ وطنُ ذهبيُّ الكبرياءْ
بكتْ "آسيا" فيّ لوعةً لإفريقيا فيكِ وأنا خضرةُ الأرضِ وأنتِ زرقةُ السماءْ
لا لونَ يزهو دونكِ,ومن سواكِ يمنحُهُ تأشيرةً لحقولِ الحرير ِ
والبخّورُ طريقُ التفافٍ بها تنتهي العتباتُ الخضراءْ
و أشهدُ أنْ الوصولُ إليكِ عرسٌ وعيدْ
6
سأخرج من ظلي, سأخرجُ, وأبقى على هذه الأرض وحدي دون ظلالْ
لا أحبّ العلو لا أحبُّ السمو أن كان فيهما بعدي ,هربَ الظلُّ وتوشّح الجبالْ
أريد أن أكون جناحكِ الأيمن في الحياةِ, جناحكِ الأيسر في المماتِ
لكِ أن تأمريني بالرفرفة أعلى قليلاً من منسوبِ العشب وأن أحاذي التلالْ
الجناحان شمسُ وقمرُ, ليلٌ ونهارٌ وما بينهما ستُ قارّاتٍ اختُزلتْ بهدبكِ الهلالْ
هنا الموتُ والحياةُ طفلان يلعبان بضفائر حزنكِ وأن اختصما يبكيان على وردةِ الضفيرة,
اذهبْ بعيداً عن وقتنا وخذ زهرة البابونج من ضريح صمتنا ويا وحدنا تعالْ
كيفَ لا تحتملنا ونحن واحدُ تناصف فقداً,كيف أطعت السكين يا حبة البرتقالْ !
سنعود لبذرتنا الأولى, ربما نصعدُ واحداً من كيمياء هذا التراب وعلى ظلنا
تتفتّتُ فسيفساء الغياب,أيها الترابُ لمّنا من قارتيّن ِ وأرسلنا إلينا في البريدْ
7
خضراءُ أنتٍ والسندسُ أوّرقَ في مخمل ثوبكِ حتى انتشاء الخيوط
والألوانُ السبعةُ اعتصرتْ حكمتّها من ردّنكِ المطرّز ِ بإبرة الشتاءْ
لكِ وحدكِ يشتمّ الوردُ, يسري في الشهيق ِ, شيءٌ ما ينقصهُ, يسرقهٌ منكِ
فيرجع لبراعم الورد ِ مكتملاً,ومنكِ وفيكِ لا يبتلّ سوى الماءْ
خضراءُ أنتِ خضراءُ و أنتِ زرقة ,ٌسماويةٌ تتدلى من نوافذً صيفِ وخريفْ
و ما فيك يعتصرُ الأنوثة من أصابع روحها, وأجمل ما يسيلُ,قمرٌ يكتملُ في النزيفْ
آه يا نجمتي الحاضرة ,أعيدي وجهة أمي, آه يا نجمتي الغائبة أعيدي خضرة الأرضِِ لي,
لا عيونَ لي, لي نجمتان تغارُ منهما زرقاءُ اليمامة ِ, لا بأس أيتها الزرقاءْ
جوهرتان تلمعان في وضوء ضوئي, وإن غابتا لاشيء في الروح ِ يُضاءْ
خضراءُ أنتِ خضراءُ, واحةٌ ظلي الساقطُ من عل ٍ , هاأنا أوْرِقُ من جديدْ
8
ذبحةٌ صدريةٌ أن تستريحي - ولو ثانية - عن الركضِّ في براري روحي
وأنْ تكفي لحظة عن إغماد سيف عينيكِ في غمده المعلق في جروحي
ذبحةُ قلبيّةٌ أن لا تفرشي وتنامي في سرير حواسي الخمس ِ, فيكِ ابتدأتْ
لغة الحمام ِ على قرميد دمي وفيكِ انتهتْ لغةُ الحواس ِنشيداً على فمي
رذاذُ الصمت ِ يخرّ في عروقي ,ويحفرُ أبجديتهُ في قممي وسفوحي
ذبحةٌ ورديّةٌ أن لا أكونَ إناءً لخرير جداولَ صوتكِ في عام ِ هجرتكِ منّي إليّ
و أن لا يكون قلبي طاسةً كنعانية لهذا الرذاذ المصوّب من جهاتكِ الستِ عليّ
لكِ أن تذهبي في الغيابِ وأن تستدرجي جدارَ الفصلِ العاطفيِّ بينَ نبضتينْ
ليصلَ جذرَ الأرض ِ التي بيننا وسقفَ السماء التي فوقنا ونصبحُ عالمينْ
كلُّ شيء محتملٍ على درج ِ الحبِ قبلَ الصعود وبعدَ النزول,وبعد الخروجِ من الدخول,
9
الأناشيد التي بيننا, تخلعُ غلالةَ سردها على أريكة خضراءَ نُجّرتْ من خشبينْ
ضلوعي داليةُ, أيها الخشبُ الذي يقطّر دمعَ العنبِ في شفةِ الحبِ, أين المستقر أينْ!
ضلوعكِ صفصافةٌ عاليةٌ, والذي منّي ومنكِ, تصدّقَ بهِ الحبُ على غيمتينْ
مطرٌ منهمرٌ على أريكةِ الأناشيدِ, ويا بوحُ.. يا صدحُ, هنا العلو بين سماءٍ وأرضينْ
من هنا تبدو يابستي بكامل خرابها وقطرة الماءِ بملحِ سرابها,
وأنتِ خضّرةٌ أرضيةُ بينَ ربيع ٍ وشتاءْ, وأجملُك ِ نجمةُ كأنّ روحي نبضها
وأنتِ زرقةٌ سماويّة بينَ صيفٍ وخريفِ مضاء, وأروعُكِ نخلةٌ كأنّ نبضي أرضها
النجمةُ أنتِ والنخلةٌ أنتِ وأنا بينكما اثنان في واحدٍ وواحدُ في اثنينْ
وأنتِ ما تضيقُ بها الأرضُ خصوبةً وأنتِ ما تفيضُ بها السماء عذوبة
وأشهدُ أنّي أستوعبُ هذه العذوبة / الخصوبة, وللنساء ما يتصدّقُ به امتلائي
وما يتبّقى لي وحدي, كم أنا وحدي في زحامكِ فيّ, آه يا وحدي الوحيدْ!
10
نكرُّ حباً حتّى أقاصي غبار اللهبِ , ونفرُّ عتباً حتّى الممرّ الأخير في منافي التعبْ
هنا الذوبان يعلو سقف التبخر ِ, وهناك التجمّدُ يهطلُ من سحابات ِ الغضبْ
السكاكين تحزُّ التجذّرَ في تراب ِ الجسدينِ,ونجّمعنا من بيدر الرحيل ِ فراتاً ونيلْ
كلُّ أرض ٍ لامستها خطى العاشقين مصبٌّ لنا ولنا الخريرُ الذي يعلو الأناشيدْ
تعبٌ هو الحبُ وإذا ما استراح على أريكةِ الضوءِ يحترقُ في الوريدِ الصهيلْ
وكلُّ نبض ٍ قتيل ٍ سنحملُ دمه فينا وإذا الحساب/ العتاب / العذاب/ اقتربْ
نطأطئ أروحنا في ظل دالية الحبِ ويغسل آثامنا دمعُ العنبْ
يا واحدتي المتوحدة, في سيولة هذا التكاثر/ التناثرُ, لا يبدو من نافذة القلبِ سواكِ
هكذا أمي أنجبتني لكِ وعلمتني في مدرسةِ الرؤيةِ والرؤيا أن أراكِ
سدى ما يُرى دونَ مجالكِ المشعُّ بقوس قزحْ, تلك أغنيتي في صفير القصبْ
وهي آخرُ ما لكِ فيّ.. وآخرُ ما لي فيك, وتلكَ خامةُ يومنا السعيدْ .
11
آه يا سيدةُ الضوءِ, لا تكفّي عن الحفر ِ فيَّ ولا تتوقفي عن النبّش ِ فيّ
مولمٌ لك من نطفتي التي كانت إلى علقني التي صارت وصرتُ ذاكَ الصبيّ
لم تولدي على حرير ِ طفولتي ولم تدرجي على بساط ِ كهولتي, ولم ..ولم.. ولمْ
ويا حمّرة دمي من أين جاءك هذا العندم الدامي , من أي فاكهة دنا وتدلّى عليّ!
رحلتْ نجمتي في البعيد, وهاجرُ أنجبتْ "إسماعيل" في المنفى فكنتِ لي أباً وأمْ
أي أسطورةٍ أرّختْ يتمي ولم تبكِ دماً فيها المفردة! آه ما أجملكِِ أيتها السيدة!
من أيّ رخام ٍ و من أيّ خشبٍ " أفرو أسيويّ" شُيّدَ مقعدكِ في الأوردة!
ستشربُ العناصرُ بعضها وتُوحد نبضها إلا عناصرنا,ستعودُ إليكِ وتعودُ إليّ
هي رحلة التيه فينا.. رحلةُ التلاقي خارجنا.. رحلة اللا دخول من باب العدمْ
وأجملُ ما فينا أنّا لا نتوبُ عن معصية الحبِ ونعرفُ أنّ المتابَ مدنسُ كلّ نقيّ
وأنّ النهرَ الذي يعمّدنا, يشكو من حُسنِ أخلاق الضفافِ,وغوايتها في التعميدْ.
12
لكِ المجدُ في شهقةِ الوريد ِولكِ الوردُ في رعشةِ البرعم ِالوليدِ ولكِ كلّي
لكِ غبارُ المشمش ِ في جناح ِ اليمام ِونثارُ الجلنار ِ في ريش ِ الحمام ِولكِ التّجلي
لكِ الأول منِ تموزَ,ورفيف أجنحة اسمي الهاربُ إليكِ من مضارب أهلي
لك منديلَ أمي الغالية وعطرُ جدائلها ومشطها الخشبي المنحوتُ من ضلع الدالية
لكِ كلّ شيء, سواكِ وإلاكِ, فأنتِ لي من صفرِ ميلادكِ حتى آخر المتواليه
ولي, كلّ ما ليس لي, إلى أن يصير لي, وبكِ وبي, وإليكِ وإليّ مآلهُ أيتها الغالية
لنا كرّنا في ممرات الحضورِ وفرّنا على حواجز الغياب, وبينهما ظلّكِ يعانقُ ظلي
وخلفهما خطانا تلمّلم أوراقَ ذبولها وأمامهما أقدامنا تؤثّثُ وصولها للنجمةِ العالية
هنا مستقرنا الوحيدُ ومجالنا الحيويُّ البعيدُ, سقفٌ ومصطبةٌ في ظلِّ الرمّان والنخلِ ِ
وماذا تبقّى لنعلنَ أبديّتنا في الأرض ِوالسماء ِ!هنا لنا ما نشاءُ, وطنٌ من ذهبٍ وفلِّ
ولنا خارجنا العلوّ ولنا داخلنا السموّ ولنا بينهما النموّ ولنا مواطنةُ الحرية في دم الشهيدْ